هل سبق و أن لاحظت من قبل أن أحجام حبات البن تختلف من موطن لآخر أو حتى من مزرعة لأخرى وبعضهن من نفس المنطقة ؟ غالبا أنواع محاصيل القهوة التي من كولومبيا تميل لكبر حجم بذرة البن مقارنة بالمحاصيل التي من اليمن، حيث أن محاصيل اليمن والسعودية تميل لصغر حجم بذرة البن بشكل واضح جداً عند المقارنة، لكن لماذا؟

 السبب الكامن وراء هذه الإختلافات هو أن القهوة بالأصل فاكهة وتتأثر بالعوامل المحيطة أثناء نموها من المناخ والتربة والنباتات والأشجار المحيطة. فمع بداية القهوة بدأت تتطور يوما تلو الأخر حتى جاء التدخل البشري وانتشرت بمناطق مختلفة لتتأقلم. نتج عن ذلك هجين بين الأنواع وتغير في مناطق بعض الفصائل حتى اضطر بعضها أن يتعايش ويتأقلم في غير بيئته. وبعضها بسبب خصائصها الحساسة تطلبت جهد أكبر وعناية لفهم بيئتها المناسبة. تختلف أشجار القهوة بالسلالات والفصائل حسب المنطقة والبيئة المناسبة لتطور نوع عن اخر. بدايتاً من زهور كرز القهوة وحجم الكرزة ولونها فبعض الفصائل ينضج الكرز عندما يصبح لونه أصفر”البوربون الأصفر” وبعضها عندما يصبح زهري “البوربون الزهري”. متتالياً بمتغيرات أخرى عديدة منها حجم بذرة البن والكرزة والورقة.

نبدأ بأساس القهوة والتي تندرج جميع أنواعها تحت الجين الأصلي للقهوة “كوفيا” وهو الجين الأول الأساسي لجميع أشجار القهوة. يندرج تحته أكثر من 120 نوع من أنواع الشجر أشهرهم الأرابيكا و الروبوستا التي نتجت شهرتهم من قوة خصائصهم مقارنة بغيرهم، والمميز هنا أن هذان النوعان يتعاكسون بأغلب الخصائص. ولكل نوع عدد من الفصائل ترث من النوع الأصل الصفات الرئيسية وتتميز على حسب خصائص الفصيلة والموطن والعوامل البيئة.

الأرابيكا: شجرة إنتاج كرزها يميل لزيادة في الحلاوة والنكهات الحمضية اللطيفة بمعدل كافيين معتدل وحجم الكرزة وحبة البن كبيرة. تنمو على مدى إرتفاع ما بين 400 إلى 3500 متر فوق سطح البحر وطول أشجارها شاهق يتجاوز إرتفاعها عشرة أمتار وهذه الشجرة حساسة جدا ومتأثرة بما يحيطها من المناخ والتربة والإرتفاع والمنطقة. تنمو هذه الشجرة على خط الإستواء مع انتظام هطول الأمطار والري، فالعناية بالشجرة واجب أساسي لأن أي تقصير قد يُتلف لنا محصول أو حتى الشجرة بأكملها. مراعاة هذه العوامل ينتج لنا محصول عالي الجودة وفريد بالنكهة غالباً ما يقطف يدويا ويمر بمراحل عديدة تدخل بها الأيدي العاملة بشكل كبير. وهذا بالطبع أحد أسباب رفع تكلفة المنتج ولكن خلال الأعوام الماضية تقريباً أصبحت الأرابيكا 70% من إهتمام السوق العالمي في تجارة البن وأصبح السوق يعي جودة القهوة. الأرابيكا هي النوع الوحيدة حالياً من جميع أنواع أشجار البن الذي يتم تقيمه كَبُن مختص إذا تجاوز الاختبارات.

 

 

الروبوستا: شجرة إنتاج كرزها يميل لصغر الحجم والمرارة القوية في الطعم و قلة الحلاوة. تنموا على مستوى سطح الأرض ولا تتعدى 900 متر فوق مستوى سطح البحر. تتميز خصائص الشجرة بقصر طولها وقوة تحملها فغالبا يتم قطف الكرز عن طريق أجهزة ميكانيكية تقوم بهز الشجرة ليسقط الكرز لأن غالباً مزارع الروبوستا يهتم بشكل أكثر بكمية المحصول. ولو طبقنا هذه الطريقة مع الأرابيكا في القطف غالباً ما سيتجه مزارع الأرابيكا للقطف اليدوي للحفاظ على جودة المحصول وتطبيق الطريقة الميكانيكية قد تهلكها. لا تتطلب العناية الكثيرة فهي بخصائصها تتحمل إختلاف المناخ حتى وإن نَمَت بشكل خاطيء في أجواء قاسية فغالبا تعيش الشجرة وتستمر بالإنتاج. ولا زال التطور يوما تلو الأخر في الأنواع والفصائل قائم بالطبيعة وساهم التدخل الإنساني في تنوع الفصائل وسرعة تكيفها للوصول لأفضل النتائج وإظهار أفضل الخصائص في كل فصيلة.